السبت، 28 مايو 2011

قصة من عصر النجاسة اسمها حسين سالم.

" "





لن نبالغ إن قلنا إنه لن يتم القبض علي حسين سالم بسهولة وقد يستغرق هذا الأمر سنوات، فلقد عاش حسين سالم حياته كلها في الخفاء، ولقد عاش حسين سالم محاطا بأكبر شبكات الحماية العالمية، واستعان بخبرات كبار رجال المخابرات المتقاعدين في العالم، وكانت تلك الشبكات وراء تدبير عملية تهريبه من مصر عقب اندلاع الثورة، حيث تمت العملية في ست ساعات تنقل خلالها سالم من شرم الشيخ إلي قبرص، حتي استقر في تل أبيب.


كما أن حسين سالم الغامض قد صنع أكبر أسطورة في مصر والعالم بحجم الثروات التي كونها، فلقد تفرغ تماما لتكوين أكبر ثروة في العالم وهو ينافس كل مشاهير العالم ويتجاوز بحجم ثرواته ثروات عشرات الرؤساء في العالم بداية من أوباما وساركوزي وحتي ثروات الملوك العرب. فقد بلغ حجم ثروته أكثر من 350 مليار جنيه وهو ما يقدر بميزانية مصر في عام كامل!!.. وكانت صداقته لمبارك هي النقطة الفاصلة في حياته، وبفضل تلك العلاقة امتلك شركة "شرق المتوسط للغاز" لتصدير الغاز إلي إسرائيل، وهذه الشركة تمتلك فيها الحكومة المصرية 10% فقط في حين يمتلك رجل الأعمال الإسرائيلي يوصي ميلمان 25%، ويملك حسين سالم 65%، وتنص بنود الاتفاقية علي أن تقوم الشركة بتصدير 120 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلي إسرائيل مقابل 28 مليار دولار!!.. وحسين سالم هو صاحب مدينة شرم الشيخ حيث يعد أول المستثمرين في المنطقة منذ عام 1982، وبالتالي لم يكن مستغرباً أن يملك الرجل خليج نعمة بالكامل تقريباً من فنادق إلي كافيتريات إلي بازارات، كما يعد "موفينبيك جولي فيل"، من أكبر المنتجعات السياحية في المنطقة، وقد أوصي صاحبه حسين سالم عند بنائه بإقامة قصر علي أطرافه، تم تصميمه وتجهيزه علي أحدث الطرز العالمية، ليفاجئ الجميع بإهدائه إلي الرئيس مبارك، ليصبح المصيف البديل لقصر المنتزه!!.. وتلك الثروات كانت تجعله يفعل كل ما يريد وفي أي وقت يشاء، وعاش حياته محاطا بحماية تضم أكبر رجال العصابات في العالم وهي التي كانت تؤمن له أي مكان يخطو إليه بعيدا عن وسائل الإعلام، فلقد كان لهذا الشخص حياته السرية العجيبة، التي امتلأت بكل ما لذ وطاب وما لم يخطر علي قلب بشر، لكنه مع كل ذلك كان يعيش فترات في اكتئاب حاد، فماذا فعلت له الأموال والثروات، لقد وصل هذا الشخص إلي قمة الفساد والإفساد في الأرض، وكان جزاء الله في حياته بسيطا إذا ما قورن بعذاب الآخرة، فالثروات التي بلغت البلايين أعمت قلبه وجعلته لا يفرق بين الحلال والحرام، ووصل إلي قمة الفساد في الأرض ليكون مثل فرعون الذي قال عنه الله سبحانه وتعالي: «إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» «القصص».


وهذا ما كان يفعله هذا الفاسد، فقد فشلت كل المحاولات في إخراجه من حالات الاكتئاب الحاد التي كان يعاني منها، ولذلك قام بإحضار أكبر ساحر إفريقي علي متن طائرة خاصة ليتخلص من الاكتئاب، وأقام هذا الساحر في قصر بشرم الشيخ تحت حراسة خاصة لمدة شهرين كاملين، وفشلت كل تجاربه في علاج الإمبراطور من الاكتئاب، ونصحه أحد المقربين بزيارة طبيب نفسي في باريس، ولكن حسين سالم رفض الفكرة خوفا من انكشاف الأمر أو تسريب الخبر للصحافة، فعرض عليه هذا الصديق إحضار الطبيب الفرنسي إلي القاهرة، وكانت المفاجأة الكبري حين اعترف حسين سالم لهذا الطبيب بتعرضه للتحرش الجنسي في طفولته من أحد الجيران، وهي العقدة التي يعاني منها منذ الصغر والتي جعلته ينتقم بطريقة وحشية، ولقد وصل به الحال والعياذ بالله إلي حد أنه كان يقوم بفض بكارة الفتيات الصغيرات!!.. وتلك هي طباع المفسدين في الأرض الذين حذرنا منهم القرآن الكريم، فالمفسد في الأرض لا يشبع من الدنيا ولا يقنع بنصيبه وإنما يدمن الفساد ويبغي الفساد ولا يملأ عينيه سوي التراب «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» «القصص».


ولقد كانت علاقته بتلك الراقصة الرومانية التي تزوجها في ذلك الإطار من الفساد والإفساد، فقد كانت تلك الراقصة الصغيرة تعمل في فندق يملكه حسين سالم بشرم الشيخ وبعد أن رآها حسين سالم تزوجها وسافر معها إلي رومانيا وأنشأ لها مركزًا تجاريا في العاصمة الرومانية بوخارست بتكلفة 250 مليون دولار واشترط عليها أن تأتي له بالفتيات الصغيرات في كل زيارة إلي مصر كي يمارس الرذيلة التي اعتاد عليها وكي يسير في طريق الشيطان الذي اختاره لنفسه!!


هل هناك فساد أكبر من هذا؟!.. لقد فشلت ثرواته في إسعاده بل كانت مصدرا للشقاء والفساد والعذاب وسيلقي جزاء ما ارتكب عند الله سبحانه وتعالي، وقد تعرض طوال العشر سنوات الأخيرة لحالات فقد البصر بسبب انفصال في الشبكية، وأجري العديد من العمليات الجراحية التي كانت من نتيجتها أن تتأثر عيناه وأن تتحول إلي شكل مخيف وكاد يفقد البصر تماما، وقرر أن يصنع المستحيل من أجل تجميل عينيه القبيحة، فقام بدعوة الأطباء والمنجمين والسحرة والمشعوذين ودفع الملايين وكان من بينهم الساحر الإفريقي الذي نصح حسين سالم بزراعة عيون ذئب لأن الذئاب تمتلك قوة الإبصار بمعدلات أضعاف البشر، ولكنه تراجع عن الفكرة، وسعي إلي استرداد البصر، وكانت النتيجة أنه استرد البصر لكنه فشل في تجميل القباحة التي وضعها الله علي عينيه فقد حاول أن يشتري كل شيء بالثروات ونسي أن الله سبحانه وتعالي قادر علي كل شيء، فكم يبلغ ثمن نعمة النظر أو السمع؟!


إن الفساد الذي عاش فيه حسين سالم لم يكن يحدث إلا في عهد فساد وإفساد، فقد كان سالم مقربا من مبارك كما أوضحنا وكل تلك الثروات نجح في تكوينها في عهده، فقد كان حسين سالم مجرد موظف في صندوق دعم الغزل، وكان راتبه 18 جنيها، بعدها التحق بسلاح الطيران ليعمل طيارا حيث شارك في حربي 1967 و1973، ومن هنا كانت بداية معرفته بالرئيس مبارك، وظلت العلاقة بين سالم ومبارك قوية، ولكنها بقيت محصورة في أضيق الحدود ولا يعرفها سوي المقربين منهما، حتي عام 1986 عندما قام علوي حافظ عضو مجلس الشعب آنذاك بتقديم طلب إحاطة لأحد أعضاء مجلس الشعب عن الفساد في مصر، مستنداً في جزء منه إلي اتهامات خاصة، أوردها كاتب أمريكي هو "بوب دوورد" مفجر فضيحة "ووترجيت" الشهيرة، التي أطاحت بالرئيس الأمريكي نيكسون في بداية السبعينيات، ولقد قال بوب في ذلك الكتاب إن شركة (الأجنحة البيضاء) التي تم تسجيلها في فرنسا، هي المورد الرئيسي لتجارة السلاح في مصر، وإن هذه الشركة تتضمن أربعة مؤسسين هم: منير ثابت شقيق سوزان مبارك وحسين سالم وعبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع المصري آنذاك، ومحمد حسني مبارك نائب رئيس الجمهورية وقت تأسيسها.. إن نهاية هذا الرجل هي التي قال عنها سبحانه وتعالي في سورة القصص: «فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ».. حذر القرآن من أولئك الذين يفسدون في الأرض بسبب الترف الزائد والمليارات التي ينفقونها في الفواحش، يقول تعالي: «وَإِذَا تَوَلَّي سَعَي فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ» «البقرة».



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الموقع غير مسئول عن التعليقات وكل التعليقات تعبر ان اصحابها