الاثنين، 25 أكتوبر 2010

نوارة نجم تكتب: يابو حميدة ما تحوش حمييييدة

" "
يبدو أن الدكتور السيد البدوي، وزميله السيد رضا إدوارد، هما مبعوثا البهدلة الكونية. ظهر السيد البدوي فجأة بنجاحه في انتخابات حزب الوفد، وأشيع أنها كانت انتخابات نزيهة، صفق لها الجميع، واحترمها الجميع، نظرا للحرمان العاطفي الذي يعاني منه الشعب المصري. أعتقد أنه الآن، وبعد ظهور سلطة البلطجية وسطوة المال، قد علمنا كيف نجح السيد البدوي في الانتخابات النزيهة. لماذا تم تصعيد البدوي وتلميعه بهذا الشكل؟ لأنه منوط به دور "بهدلة" كل ما تبقى من قيمة في هذا الوطن.


شخصيا لا أتفق مع اتجاهات الوفد السياسية ولا مبادئه. أراه حزب الأعيان، والإقطاعيين، ولدي تحفظات كثيرة على القيم التي مثلها ويمثلها هذا الحزب، ولا أرى في سعد والنحاس ما يراه كل من والدي أحمد فؤاد نجم وإبراهيم عيسى وبلال فضل، الذين يقدرون حزب الوفد وتاريخه. قبل هذا المقال، كتبت مقالا أذكر فيه بصداقة سعد للورد كرومر، وفورير السيدة زينب الوكيل زوجة النحاس، ومعاهدة 36، وحادثة 4 فبراير، ثم لم أرسل المقال، ذلك لأنني، فشرت، ولا عشت ولا كنت حين أضع سعد والنحاس، اللذين لا أحبهما، في مقارنة مع السيد البدوي، أو تسول لي نفسي الدنيئة أن البدوي يمكن أن يكون امتدادا لسعد والنحاس مهما اختلفت مع اتجاه حزب الوفد، ومهما كانت تحفظاتي على الزعيمين اللذين، شئت أنا أم أبيت، سخطت أم رضيت، سيظل التاريخ يذكرهما بصفتهما الزعامية، وإنجازتهما الوطنية، وسيظل اسم سعد زغلول على ميدانه، وسيبقى اسم النحاس على شارعه، مهما تلمظت أنا غيظا. وعيب وعار أن يصل حقدي الاشتراكي من السفاهة أن أقارن سعد والنحاس بالسيد البدوي. أبدا. دي قلة أدب مني، وأنا آسفة. لن يكون للسيد البدوي شحاتة شارعا، ولا ميدانا، ولا محل كشري، ولا عربية داندورما باسمه، مهما طال الزمن، ولن يذكره التاريخ سوى بأنه مبعوث البهدلة الحكومية، الذي لبس مسوح المعارضة، ليسحق كل معارض حقيقي، بماله وبلطجيته.


سيذكر التاريخ أن السيد البدوي شحاتة، نجح في بهدلة حزب الوفد، ونجح في أن يشتري بعض أعضائه، ويستعين ببلطجية وخارجين عن القانون لتفريق المتظاهرين، ولأول مرة منذ بداية الحراك السياسي في 2004 وحتى الآن، يقف حزب معارض في مواجهة مع صحفيين وقفوا يستغيثون بتاريخ حزب الوفد، ويطالبون أعضاءه وقياداته باتخاذ الإجراء الوطني والمتوقع والمتسق مع تاريخ هذا الحزب، ضد السيد بدوي شحاتة الذي قصف أهم قلم، وهدم أهم كيان صحفي في هذه المرحلة.


لم يخطر ببال أحد على الإطلاق، أن يخرج من الوفد بلطجية يفتحون خراطيم المياه على الصحفيين، ويعتدون عليهم، ويسبونهم بأقذع الألفاظ، لا لجرم سوى أنهم يذكرون حزب الوفد بتاريخ الزعيمين سعد زغلول ومصطفى النحاس!


يا حضرة العمدة ابنك حميدة حدفني بالسياسة التحريرية... إيهيييي. كان من المتوقع أن يعقد حزب الوفد جمعية عمومية عاجلة، لاتخاذ الإجراء اللازم ضد انتهاك حرية الصحافة من قبل رئيس الحزب، الناس انتظرت اليوم تلو اليوم، ولم يتحرك أحد من الحزب، ثم قدمت بعض الشخصيات الهامة استقالتها من حزب الوفد، ومنهم من كان انضم للوفد لانخداعه بتجربة الانتخابات التي ظنوها نزيهة. خلنا أن الاستقالات المتتالية ستشكل ضغطا على حزب الوفد، أو ربما تنبهه لمسئوليته السياسية والوطنية والأخلاقية تجاه هذه الفاجعة، فتنتفض القيادات الوفدية للتحرك، بدلا من البلادة التي حلت على الحزب. فما كان من بعض قيادات الحزب إلا أن صرحت بأن ما حدث بين البدوي والدستور مسألة تخص البدوي وحده، وليس للحزب صلة بها!


أيوه إزاي يعني ليس للحزب صلة بها؟ هو طلق مراته؟


هل كان السيد البدوي شحاتة يتصارع مع إبراهيم عيسى على ميراث أو على قلب فاتنة لبنانية؟ هل حزب الوفد هذا هو النادي الذي يلعب فيه السيد البدوي الراكيت وليس لإدارة النادي دخل بتصرفاته خارج أسوار النادي؟ كيف لا يكون لحزب الوفد "المعارض" صلة بقصف قلم نزيه وطني شريف وهو الأقوى تأثيرا على الشارع، وفصل مؤسس صحيفة فصلا تعسفيا، وتشريد أكثر من 130 صحفيا، حتى وإن لم يكن مرتكب هذه الجريمة من أعضاء حزب الوفد بالأساس ناهيك عن حقيقة كونه رئيسا للحزب؟


كم دفع السيد البدوي شحاتة حتى يقطع الألسنة الوفدية عنه، ويحاصر كل معترض على جريمته، فيصبح من المستحيل الاستمرار في الحزب لأن الوفد أصبح هو البدوي والبدوي هو الوفد؟ وكيف تتواطأ شخصيات وفدية - كنت أحترمها بالرغم من اختلافي معها - على هذه الجريمة، ظنا منهم أن البدوي يمكنه شراء مقاعد في مجلس الشعب باسم حزب الوفد؟


نعم، البدوي يستطيع شراء مقاعد في مجلس الشعب، ويستطيع دفع الملايين للصحف ووسائل الإعلام للتعمية على جرائمه، والدعاية له، والإعلان عن حزبه كما يعلنون عن أولويز بالأجنحة، لكنه لن يستطيع شراء احترام الناس، ولن يُرحِض دم الدستور بغُسل أبدا، ولن تسعفه الكذبات المضحكة، والتبريرات المسفة، وسيظل بقعة سوداء في ثوب حزب الوفد.


الاشتراكيون الحاقدون من أمثالي، يقولون عن حزب الوفد أنه حزب البشوات. لكن البدوي، بعد أن استعان بالبلطجية والخارجين عن القانون لضرب الصحفيين، نجح في تصوير الحزب بأنه حزب الجرابيع. إن لم يحرص حزب الوفد على مبادئه الليبرالية، فليهتم للعدالة، إن لم يأبه للعدالة، فليحافظ على الوجاهة الاجتماعية. بلطجية ومجرمون في مواجهة صحفيين؟ بلدي قوي يا حسين. طب كنتوا استعينوا بعثمان الذي كان ينادي عليه البرنس غاضبا، بعد أن طلب منه الجنايني يد الأميرة إنجي لابنه علي: عثمان... خرج الكلب ده بره. على الأقل حاجة تليق بالأعيان، لا بالمسجلين خطر.


كم دفع السيد البدوي شحاتة ليتم استضافته في قناة فضائية لمدة ساعتين، يرغي ويزبد، بكذب صراح، ويستخف بعقل المشاهد وهو يروي القصة ونقيضها، وكأنه يحكي حكاية قبل النوم لمجموعة من الأطفال الذين لا يتجاوز ذكاؤهم نسبة 30؟


كم دفع لصحف مستقلة حتى تنشر تقريرا إعلانيا عن شريكه إدوارد؟


كم دفع، وماذا قدم، حتى تتدنى بعض الرموز الإعلامية والصحفية، وتتصل ببعض كتاب وصحفيي الدستور - ومنهم كاتبة هذه السطور - بهدف الإيقاع الساذج بين آل الدستور، والتلصص عليهم بشكل طفولي مفضوح، وتشكيك أعضاء جبهة الدستور الصحفية، للدفاع عن الكرامة، في رموزها؟ وقد أصابني الضيق الشديد بعد مكالمات تليفونية من إعلامي وإعلامية، بهدف تشكيكي في كل من إبراهيم منصور وإبراهيم عيسى، وسبب ضيقي هو اختيار الإعلامية لي بوصفي "الهابلة اللي مسكوها طبلة" والتي ستصدق الروايات الساذجة عن منصور وعيسى، وتعمد إلى نشرها وتكون أداة في شق الصف الدستوري. ربكم والحق، أنا أخذتها على عقلها، وكان هذا هو أول تصرف حكيم أقوم به في خلال العشرين سنة الأخيرة من حياتي، ذلك لأنني لو كنت قاطعتها كما الطلقة، كعادتي، لما أكملت حديثها المضحك. وأود أن أؤكد على معلومات من أوعز إليها بهذه المكالمة: أنا فعلا هابلة ومسكوني طبلة، ولذلك فلم أخبر أحدا بنص هذه المكالمة سوى دعاء سلطان، لأنها صديقتي ولا يمكنني أن أخفي عنها شيئا، وبالطبع لا أستطيع تشجيعها على إخفاء الأسرار عن زوجها إبراهيم منصور، لذلك فقد أخبرته، أما إبراهيم عيسى فهو الريس، ينفع أخبي حاجة عن الريس؟ بالطبع قلت له كل شيء، ولم أبح أيضا بنص المكالمة سوى لفاطمة وغادة ومالك وعبده البرماوي ومحمد جمال وجمال عيد، لأنهم أصحابي الأنتيخ، وبالطبع لا يمكنني إخفاء الأمر عن المتابعين لي على موقع التويتر، لأنهم لا يخفون عني شيئا، لدرجة أن أحدهم يكتب على الموقع: أنا قايم أعمل نسكافيه.. فهل يليق أن أكتمهم ما حدث؟ على أية حال هم عددهم لا يتجاوز الـ 1065، كما أن قراء موقع الدستور هم من الأحباء المتضامنين، لذلك فقد أخبرتكم بالسر... بس كده، ما قلتش لحد تاني، لو الحكاية اتعرفت يبقى واحد من اللي قلتهم هو اللي قال، وحيبقى شكلكم وحش قدامي، خاصة أنني لم أبلغ بلال فضل وعمر طاهر بالواقعة، وربما يغضبان مني لأنني أخفيت عنهما هذه القصة، لا أذكر إن كنت قد رويت القصة لعلياء زوجة عمر، لكن ربما تخبرها دعاء... وأنتوا إزيكوا كده؟ ثم ها أنا أخبر القراء الآن، وسأخبرهم بالإعلامي الذي كان من الصدق والصراحة بمكان: عملتوا إيه بقى النهاردة؟ وناويين تعملوا إيه بكره؟ وإبراهيم عامل إيه؟ كلمتيه ولا لأ؟ وكنت أجيب بكل صدق وشفافية. ظننت أنه يسأل ليغطي الأحداث، لكنني لم أر تغطية للأحداث في برنامجه، وقد احترت واحتار دليلي، لأنني كنت قد نسيت هذا الأسلوب المباحثي المفرط في البراءة منذ أن تخرجت في الجامعة، ولا أعلم من الذي أشار عليهما، أن يأتيا بهذه الأفعال الصبيانية التي لا تليق برفعة مكانتيهما وقدرهما الثقافي ومهنيتهما، هل يحتاج أمن الدولة مثلا لهذه الخطة البلهاء؟ ألا يراقب هواتفنا جميعا ويعلم تماما أن آل الدستور فضحية وليس لديهم أسرار؟ ألا يعلم أن هناك احتمال وارد بأن أشك في كف يدي لمدة نصف ساعة إلا أنه من المستحيل أن أشك في إبراهيم عيسى وإبراهيم منصور لمدة فيمتو ثانية؟ ألا يحترم ذكائي قليلا؟ لا أنا زعلت.. زعلت على روحي قوي، حسيت إنهم مستهيفيني، وحين فتنت لإبراهيم عيسى وأخبرته بأن نفسي صعبانة علي، حاول جبر خاطري وقال: لالالا، ده عشان أنت مهمة مش عشان أنت هابلة. لكنني لم أقتنع، يا حضرة الضابط أنتم مستهيفيني ليه؟ أنا مش هايفة لو سمحت. الغريب أنني حين تحدثت في الهاتف عما حدث لأول مرة، لم يعاودا الاتصال بي.


لا أفهم شبكة العلاقات بالضبط. ما الرابط بين الأجهزة التي تراقب الهواتف، مع إعلاميين مرموقين، مع البدوي وإدوارد مع وزير المالية الذي فجأة قرر أن إبراهيم عيسى تهرب من ضرائب العام الماضي؟ كل دول علينا؟ طب قابلوا بعض فين؟


طب بلاش، كم دفع البدوي لبعض المحتقنين غيظا وغيرة من الدستور وإبراهيم عيسى، رئيس تحريرها ومؤسسها، حتى يصلوا من الدناءة إلى الدرجة التي تدفعهم لتشويه صورتهم هم: إبراهيم صاحبي.. واحنا جيران، بس إبراهيم مش عايز حد يبان جنبه، إبراهيم عايز يحطم الدستور، أنا قارئ مدقق أبحث عن العمق وهو نجم ومشهور.. ده والدته كانت بتقول لي خلي بالك من إبراهيم.. أنا مقدر حب الناس لإبراهيم.. بس هو كان ظالمهم ماديا.. بس الجرنال لازم يطلع... إبراهيم عاشق إبراهيم.. وهو كان متضايق من إبراهيم منصور ووسطني أكلمه.. إبراهيم لازم يعرف إنه هو سبب المشكلة.. لو عايزين ترجعوا إبراهيم منصور اقنعوا الإدارة. ثم مضى يحكي لنا عن صحيفة أخرى غير الدستور التي كنا نعرفها ونقرأها: كان بينزل مهازل! وكان بينزل مهازل، لذلك فكان توزيعها يزيد عن ثمانين ألف نسخة، وهي الآن ابتعدت عن المهازل، لذا فلم يعد يقرأها أحد. ثم كيف يكون ظالما لصحفيين يحبونه؟ ولوك لوك لوك لوك، حتى أن مقدم البرنامج لم يستطع إخفاء معالم الغثيان التي ارتسمت على وجهه.


ألا يعلم من دفع بنفسه للهاوية أن أقبح مشهد يمكن أن يثير اشمئزاز أي مصري، بل أي عربي، هو مشهد شخص يدعي صداقة إنسان ثم يطعن فيه؟ لولا أننا داهمنا الوقت - كما يقول مذيعو الجزيرة - لكنت قصصت عليكم التراث الشعبي المصري والعربي الذي يحتقر الصديق خائن العيش والملح. بل إن التراث العربي كله يزدري العدو الذي ينتهز فرصة حلول الكارثة بغريمه لينهش فيه، ويصفي الضبع حساباته مع أسد مكلوم.


آآآآآه... السيد البدوي كارثة طبيعية، عاصفة إعصارية، حطمت، وعرت، وبهدلت الكثير ممن كنا نحمل لهم الاحترام، أو نقدر موهبتهم، أو حتى ذكاءهم الاجتماعي.


نعم، نجحت العاصفة الإعصارية في بهدلة الكثير، لكنها لم تنجح أبدا، برغم محاولاتها المستميتة، في المساس بكرامة إبراهيم عيسى، وصحفيي الدستور، والمتضامنين معهم، على العكس تماما، نحن نتقدم بالشكر والعرفان لكل من السيد البدوي ورضا إدوارد، وتوابعهم، على مجهوداتهم الرائعة في إجلاء المعدن الكريم للمذكورين، وتأكيد مقولة أمي، الكاتبة صافي ناز كاظم: يابنتي حيجرا لك حاجة، ما تعمليش في نفسك كده، والله العظيم مش الدستور هو اللي منكوب، اللي واقفين ضده هم اللي اتنكبوا نكبة كبيرة قوي. (ملحوظة، هي تقول: ما تعمليش في نفسك كده، لأنني أبكي يوميا، إذا كان هذا يسعد هؤلاء الذين حطموا الصرح الصحفي، فليهنأوا وليسعدوا بإصاباتي).


أمي تعرف أكثر، بحكم ما ذاقت من أهوال، وهي محقة، وهذا الإعصار سيمر، وستتحقق نبوءة بلال فضل إذ قال: "بيع النفس وقلة القيمة مش جايبين تمنهم"، وستعود الدستور أقوى، وأفضل، وقد اكتسبت ثقة أكبر، واحتراما أوسع، ومحبة أصدق، وسيهرع الناهشون لتملق صحفيي الدستور المقاتلين الأبطال، ولأخذ الصور بجوار الذين تضامنوا معهم، واختلاق الأعذار أمام رئيس التحرير، وسيسلم عليهم إبراهيم عيسى وقد تناسى وتسامح، وسأذكره: بتسلم عليه ليه؟ مش ده اللي عمل وعمل وعمل؟ فيجيبني: يا ستي... كبري. فأموت بالنقطة وأريحكم مني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الموقع غير مسئول عن التعليقات وكل التعليقات تعبر ان اصحابها